الأحد، 7 يونيو 2020

التباعد الاجتماعي

التباعد الاجتماعي
كتبت / جيهان عثمان ( زرقاء اليمامة )
دخل الانترنت إلى مصر وكانت التقنية والتكنولوجيا الحديثة مصدر إنبهار لكل الناس ... وانتشرت أجهزة الحاسوب فى جميع المصالح الحكومية والأهلية وانتشرت أيضا فى البيوت وطبعا أجهزة الدش للفضائيات مع اطلاق القمر الصناعى نايل سات ... لكن فى البدايات كانت هذه الأجهزة للمتيسر ماديا وكانت هذه التقنية مدعاة للمفاخرة والتعالي دون النظر للمحتوى ؟!
ورويدا رويدا قُدمت التسهيلات فى سداد اثمانها لكل الناس حتى يتمكنوا من ملاحقة التطوير والحداثة والتقدم ؟!
وفعلاً أصبح المتيسر لديه الحاسوب .. وكذلك متوسط الحال يعمل على جمع المال بجمعية أو السلف أو ... أو .... أو .... المهم يحصل على المال ليشتري عملاق التقنية ... وأيضاً رويداً .. رويداً ... بدأت المشاكل تظهر بين أفراد المجتمع وبخاصة المشاكل الزوجية ... وكثرت الخيانات الزوجية ... وبدأ الشباب يستخدمون النت فى الدخول على المواقع الإباحية ...
وبدأت تتعالى أصوات الاستنكار من استعمال الانترنت ... وانقسم الناس إلى فريقين ، فريق مؤيد .. وفريق معارض
المؤيد ... حجته أننا لابد أن نُساير العالم فى تقدمه وعلى المعترض أن لايستخدم الإنترنت ... أو يحول القناة – كما قيل قبلاً-
والجانب المعرض .. حجته أن الإنترنت ساعد على افساد الناس والشباب ، وماسردته أخذ حلقات وحلقات على برامج التوك شو .. وصال وجال الإعلام فى هذا الموضوع ... ولكن الإستعمال السيئ للإنترنت ... فى رأيي .. أصبح كالمرض الخبيث فى أواصل المجتمع ..
ثم بدأت تظهر مواقع التواصل الاجتماعي وأقبل عليها جميع فئات المجتمع وبخاصة الشباب .. وكان إقبالهم مثل إقبال الفراشة على ضوء الشمعة ونيرانها
وتوازن ظهور هذه المواقع مع أحدث اصدارات للهواتف الخلوية ، وكثرت فيها البرامج والألعاب المغرية ...
وبدأت الحملات تتهم هذه المواقع بأنها باعدت بين العائلات بل وبين أفراد الأسرة الواحدة ، وأصبح الأطفال يحملون الهواتف ويقضون الساعات عليها ... وحذر الأطباء الأمهات أن هؤلاء الأطفال ممكن أن يصابوا بالتوحد لأنهم يلعبون وحدهم من غير أقرانهم فى السن وأيضا تُؤثر على بصرهم وعلى جهازهم العصبي من الإشعاع الألكترونى ... وتعددت الشكاوي ...
الأم ... تشتكي أن أطفالها وزوجها أمام الفيس ولايهتمون بالمذاكرة – هذا بالنسبة للأبناء – ولايهتم الزوج بأمور البيت
الأب ... يشتكي نفس الشكوى
الأجداد .. يشتكون من الإهمال وأن أولادهم أعتمدوا على الاتصالات دون الزيارات
الأبناء .... يطالبون بحرية أكثر على أساس أن هذا العصر التقني الحديث ولابد من مسايرته دون النظر أو الاهتمام أن هذه المواقع تُغير فكر الشباب دينياً واجتماعياً وأخلاقياً ...
وبدون سابق إنذار ظهر فيروس الكورونا ( كوفيد -19 ) واستبدل عبارة التواصل الاجتماعي بعبارة التباعد الاحتماعي .. وظهرت أيضاً البرامج والإعلانات على التلفاز تُناشد بعدم الإختلاط فى الأفراح ، المناسبات ، الجنازات ... إلخ
ونادت وسائل الإعلام بالتلاقى عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي ، وطبعا خوفا من العدوى !!!
أتساءل هنا ... وأعتقد لامجيب – هل هذه الأزمة تمهيد للتباعد الاجتماعي وتفكيك للمجتمع ؟
فنحن الآن نرى الطالب يتعلم عن طريق الانترنت دون اختبارات وتدريبات عمليه تقيس مهاراته ؟
حسنا .. ممكن أن نقول أن التعليم عن طريق الإنترنت فى المواد النظرية .. فما الحال مع التعليم العملى مثل الطب والعلوم ؟
هل التباعد الاجتماعي سيجعلنا نلجأ لترك الطفل أما الهواتف والإنترنت وننسى تحذيرات الأطباء ؟
هل نمنع زيارات الأباء والعناية بهم ونقطع برهم بحجة أنهم أكثر عرضه للإصابة واعتقد أننا قرأنا عن الأم التي تركها أبنائها حتى ماتت وحيده وتحللت جثتها ؟
هل الخوف من العدوى يجعلنا لانقوم بواجب العزاء لاهلنا وأصدقائنا وواجب العزاء حق على المسلمين وكذلك اتباع الجنائز ؟
هل الخوف من العدوى سيجعلنا نهجر المساجد ولانصلئ فيها وبخاصة المناداة الآن بالتباعد بين المصلين ... ولابد أن نتذكر أن من شروط صلاة الجماعة كما ورد فى السنة المحاذاه والتراص (1) والتراص هنا أنه لايكون هناك فرجات وخللاً بين الصفوف فقد قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أقيموا الصُّفوف، وحاذُوا بين المناكب، وسدُّوا الخلل، وَلِينُوا بأيدي إخوانكم، ولا تذَروا فرُجاتٍ للشيطان، ومَن وصَلَ صفًّا وصَلَه الله، ومن قطعَ صفًّا قطعه الله (((2)
سيقول قائل ... وماذا نفعل فى العدوى ؟! ... أُجيب نعم معك كل الحق فى الخوف .. لكن ... هل الله سبحانه وتعالى وتعاليم نبيه صلى الله عليه وسلم الذى لاينطق عن الهوى بل هو وحي يوحى ... لايعرفون بالأوبئة وأضرارها ؟!! ... حاشا لله ولرسوله عن ذلك .. فقد ظهر الطاعون فى زمن الصحابة رضوان الله عليهم ولم تُمنع الصلاة وارجعوا لكتب التاريخ الإسلامي ....
أختم كلامي ,,,,
بأننا نتوكل على الله تعالى ونأخذ بالأسباب كما تعلمنا من ديننا الحنيف فى مواجهة المرض والوباء ... ولاننسى أن المرض من جند الله تعالى ... وأن لكل داء دواء
نتوكل على الله مع أخذ الاحتياطات اللازمة التي تعلنها الصحة ...
*******************************************************************
(1)        رامي حنفي محمود – ملخص ترتيب صفوف الصلاة .- شبكة الألوكة ، 2012م = 1434هـ
(2) صحيح أبو داود والنسائي مختصراً