الأربعاء، 11 يناير 2023

تساؤل كلب : هل أنا نجس ؟!



 كتبت جيهان عثمان ( زرقاء اليمامة )

تساؤل كلب : هل أنا نجس !!!

ألاحظ هذه الأيام حملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الميديا تركز على أن الكلب غير نجس !

وطبعا أكثر الشباب يتداولون هذه المنشورات وماأكثر حججهم التى تنفي نجاسة الكلب وينشورنها بدون فهم أو علم بها وأيضا هذه المنشورات تشيد بوفاء الكلاب وأن الكلب ذكر في القرآن الكريم في سورة الكهف .

وأغرب ما سمعته أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان راعيا للغنم فأكيد كان يقتني كلبا ! وأن أبو البشر آدم عليه السلام كان يقتني كلبا !

وأشير هنا أني كتبت كثيرا في التعليقات على هذه المنشورات وأتيت بالأحاديث الصحيحة وأيضا بأقوال العلماء في نجاسة الكلب وأن الغرض من اقتناءه الصيد أو الحراسة وللأسف أجد جدالا فارغا للدفاع عن نجاسة الكلب ولايقرأون أو حتى يبحثون عن صحة الأدلة تلقي سماعي فقط

الأغرب اليوم ظهرت سيدة من أهل الفن ( لاداعي لذكر أسمها أو مهنتها ) تهاجم أشخاصا لأنهم نشروا لها مقطعا مصورا وهي تلقي كلبها على الطريق – كل هذا بعيدا عن ما أوضحه من كلامي – ما يلفت النظر أنها تركت كلبها مع طفل أخرس وقالت له !!! أنها ستصعد شقتها تتوضأ وتصلي وتغير ملابسها وترجع له

وهنا قررت أن أكتب ما أكتبه الآن :

أولا : تحليل الحجج الواهية :

-       آدم عليه السلام : لم يرد في أي من كتب السيرة الثوابت التي تتحدث عن بدء الخليقة ولا في التفاسير أن آدم عليه السلام اقتنى كلبا فالله سبحانه وتعالى قال { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ } ( البقرة – 30 ) ولم نخبر بأكثر من وجود الملائكة وإبليس

-       ذكر كلب أهل الكهف في القرآن ليس مبررا بجواز اقتناء الكلب لأنهم ( أهل الكهف ) فاموا باقتناءه لنفس الأغراض الحراسة والصيد وإذا قرأنا في التفسير للآية الكريمة  { وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ } ( الكهف – 18 )  نجد أن الكلب يجلس في فناء الكهف وهو معنى الوصيد على وضع جلسة الحراسة ولا يدل هذا على طهارته فقد آتى ذكر الثعبان والحية والحمار في القرآن للعبرة .

-       ومن يحتجون بالقران فهناك آية تصف الكافر الذي ترك آيات الله تعالى ولايعمل بها مثل الكلب { أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصْ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } ( الأعراف - 176) فلماذا لاتستشهدون بهذه الآيات ؟! أم أنكم تؤمنون ببعض وتكفرون ببعض ؟!

-       الرسول صلى الله عليه وسلم كان راعيا للغنم فأكيد كان يقتني كلبا لحراسة الأغنام – هكذا يقولون – لن أعارضكم برغم أني أعود وأقول وأكتب لم يرد من كتب السيرة النبوية الثوابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقتني كلبا ولكني سأوافقكم الرأي ونقول الكلب كان كلبا للحراسة ويحرس الأغنام في المراعي بعيدا عن المسكن أو المنزل والأسرة

ثانيا : الأدلة على نجاسة الكلب :

-       عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذَا شَرِبَ الكَلْبُ في إنَاءِ أحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعًا.} صحيح البخاري وفي رواية مسلم إذا ولغ الكلب فى إناء أحدكم فليغسله سبعا أحدهما بالتراب

-       عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { مَن أمْسَكَ كَلْبًا يَنْقُصْ مِن عَمَلِهِ كُلَّ يَومٍ قِيرَاطٌ إلَّا كَلْبَ حَرْثٍ، أوْ كَلْبَ مَاشِيَةٍ.} صحيح البخاري

-       عن أبي طلحة الأنصاري زيد بن سهل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {  لا تَدْخُلُ المَلائِكَةُ بَيْتًا فيه كَلْبٌ، ولا تَماثِيلُ.} صحيح مسلم وفي رواية البخاري ولاتصاوير

ثالثا : حكم اقتناء الكلب على المذاهب الأربعة :

الكلب نجس العين عند الشافعية والحنابلة، وهو عند الحنفية طاهر ما عدا لعابه وبوله وعرقه وسائر رطوباته، فهذه الأشياء نجسة، وعند المالكية هو طاهر، هو وسائر رطوباته، فقد قال الإمام الدردير في «الشرح الصغير مع حاشية الصاوي عليه»: «إذا ولغ كلب أو أكثر في إناء ماء مرة أو أكثر ندب إراقة ذلك الماء، وندب غسل الإناء سبع مرات تعبدا؛ إذ الكلب طاهر»، والأولى الخروج من الخلاف باتباع المذهب الأول القائل بنجاسة عين الكلب .

ومن يحتج بالمذهب المالكي فالمالكية نصت على أن يغسل الإناء سبعا ثم هل أنت على هذا المذهب وماذا تعرف عنه ؟!

رابعا : حكم بيع الكلب :

-       عن أبي مسعود عقبة بن عمرو أن الرسول صلى الله عليه وسلم نَهَى عن ثَمَنِ الكَلْبِ، ومَهْرِ البَغِيِّ، وحُلْوَانِ الكَاهِنِ. صحيح البخاري

-       عن وهب بن عبد الله السوائي أبو جحيفة إنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن ثَمَنِ الدَّمِ، وثَمَنِ الكَلْبِ، وآكِلِ الرِّبا ومُوكِلِهِ، والواشِمَةِ والمُسْتَوْشِمَةِ. صحيح البخاري

خامسا : حكم أكل ما التقطه الكلب :

هناك من يحتج بطهارة الكلب لأنه يأتي بالصيد لصاحبه فنجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى الإنسان عند الصيد أن يسمي الله قبل رمي سهمه ويأخذ الصيد من الكلب الذي يقتنيه فإذا آتاه كلب أخر لايأخذه فعن عدي بن حاتم الطائي {  سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن صَيْدِ المِعْرَاضِ، قالَ: ما أصَابَ بحَدِّهِ فَكُلْهُ، وما أصَابَ بعَرْضِهِ فَهو وقِيذٌ وسَأَلْتُهُ عن صَيْدِ الكَلْبِ، فَقالَ: ما أمْسَكَ عَلَيْكَ فَكُلْ، فإنَّ أخْذَ الكَلْبِ ذَكَاةٌ، وإنْ وجَدْتَ مع كَلْبِكَ أوْ كِلَابِكَ كَلْبًا غَيْرَهُ، فَخَشِيتَ أنْ يَكونَ أخَذَهُ معهُ، وقدْ قَتَلَهُ فلا تَأْكُلْ، فإنَّما ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ علَى كَلْبِكَ ولَمْ تَذْكُرْهُ علَى غيرِهِ.} صحيح البخاري

سادسا رأي العلم في نجاسة الكلب :

في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غسل الإناء إذا ولغ الكلب فيه سبعا احدهما بالتراب ثبت علميا أن التراب به مادتين قاتلة للجراثيم ( تتراكسلين – تتاراليت ) وتستعملا في التعقيم

ويقول الدكتور الإسمعلاوي المهاجر : أكد كشف طبي جديد ما أوحى به النبي صلى الله عليه وسلم عندما حذر الأطباء من أن لمس الكلاب ومداعبتها والتعرض لفضلاتها ولعابها يزيد الخطر بالإصابة بالعمى وينقل ديدانا طيفيلية تعرف باسم – توكسوكارا كانيس – وقد لاحظ د. إيان رايت أخصائي الطب البيطري فى سومرسيت بعد فحص 60 كلبا أنها تحمل أكثرها بيوض هذه الدودة مهما بلغت في نظافتها أو متابعتها طبيا

سابعا: قلت - ولايهمني بمن يتهمني بأني أعيش في نظرية المؤامرة فأقول المؤامرة على الإسلام منذ أن اتهموا الرسول صلى الله عليه وسلم بالكذب وكان فيهم الصادق الأمين ومنذ بناء مسجد الضرار –

حملة عدم نجاسة الكلب وطهارته حملة خطيرة وللأسف ينجذب لها الشباب لعدم الدراية بدينهم وأيضا التباهي باستعمال الانترنت في الحصول على المعلومات

فماخطورة هذه الحملة

-       الهدف جعل بيوت المسلمين نجسة بوجود الكلاب وبذلك تبطل الصلاة التي هي عماد الدين فإن فسدت الصلاة فسد الدين وهي أول ما يحاسب عليه المرء في قبره فإن صلحت غفرت ذنوبه

-       ادعاء أن الكلب ذكر في القرآن الكريم وعدم ذكر الأحاديث النبوية عن نجاسته مؤشرا خطيرا لانكار السنة النبوية وشروحها

-       عدم الاعتراف بأراء العلماء كالمذاهب الأربعة والمفسرين وعلما علوم القرآن أيضا مسألة خطيرة فنحن نحتاج لمن يعلمنا ديننا ولاننسى أن أول ترجمان للقرآن كان الصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وللأسف نذهب بالنظريات العلمية لأصحابها مثل قانون الطفو والجاذبية ونشيد بهم

-       أما من ناحية الوفاء فكل دابة يرعاها الإنسان ويعتني بها ويطعمها تكون وفيه له وله فيها أجروالكلاب التي تربى للحراسة أو الصيد معروفة وليست الكلاب المدللة وأيضا معروف أنواعها والتي تباع بأغلى الأسعار

-       وهناك شيئا أخطر هو أن الملائكة لاتدخل مكانا به كلب كما دل في ذلك الحديث الشريف عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وَعَدَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جِبْرِيلُ فقالَ: إنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فيه صُورَةٌ ولا كَلْبٌ.صحيح البخاري فهذا ينسف نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم

الخلاصة :

الكلب نجس ولا يجوز اقتناءه الا للصيد والحراسة وأنواع الكلاب لهذا الشأن معروفة كما نوهت سابقا

-       على المسلمين وبخاصة الشباب معرفة دينهم فالرسالة المحمدية لأنها خاتم الرسالات لم تترك من حياتنا حتى الطهارة من الضراط _ الريح _

-       وعلى المسلمين أن يعلموا أن حال أعدائهم مثل قوم لوط عندما قالوا { أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82 – الأعراف )

-       وليس معنى أن الكلب نجس أن نعذبه أو نقسوا عليه فأول من أهتم بالحيوانات من قبل جمعيات الرفق بالحيوان كان الإسلام فالأحسان للحيوان له ثواب وهناك حديثا مشهورا لرجل غفر الله له لأنه سقى كلبا

-       في النهاية أخشى ما أخشاه أن يكون من أهداف هذه الحملة أن يبيحوا أكل لحم الكلاب ونصبح مثل الصينيين

المراجع والمصادر:

-       القرآن الكريم

-       الموسوعة الحيثية

-       نور على الدرب – الامام ابن باز فتوى حكم اقتناء الكلب وادعاء طهارتها بالتغسيل

-       بوابة أخبار اليوم – الافتاء توضح حكم اقتناء الكلب ولمسه 2020/12/20 اسراء كمال – فتوى الشيخ شوقي علام مفتي الديار المصرية

-       الموسوعة العربية العالمية : مجموعة من العلماء والأطباء والأساتذة مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع - الرياض – ط2 1419هـ = 1999م

-       هشام إبراهيم الخطيب – المضار الصحية لاقتناء الكلاب مارس 1986م

-       ذكر الحيوانات في محكم الآيات /  جيهان عثمان – مكتبة الثقافة الدينية 2010 ص 204