الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

فتيات بورسعيد المطلقات (2)


 


} يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء1

تحدثنا فى الجزء الأول من هذه السلسلة من المقالات عن مشكلة – ولن أقول ظاهرة – الطلاق المنتشر بين أبنائنا وبناتنا فى بورسعيدنا الحبيبة ... نتكلم فى هذا الجزء ونوضح عن مفهوم الزواج من الناحية الإسلامية وسيكون كلامنا شبه مرجعى .... نبدأ ...
رغب الإسلام بالزواج سواء فى الكتاب والسنة ، فمن الكتاب قوله تعالى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ }الرعد38

وفى حديث الترمذى عن أيوب رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أربع من سنن المرسلين : الحناء – وفى رواية الحياء – والتعطر والسواك والنكاح .وحثت السنة النبوية الشريفة على النكاح لأنه سبيل للعفاف ، ففى حديث الترمذى أيضا عن أبى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة حق على الله عونهم : المجاهد فى سبيل الله ، والمكاتب الذى يريد الأداء ، والناكح الذى يريد العفاف .ولكن كيف يتم اختيار كل من الزوجة والزوج ... معيار اختيار الزوجة يتضح فى حديث رسول صلى الله عليه وسلم الذى رواه الشيخان : تنكح المرأة لأربع لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ، ولدينها . فاظفر بذات الدين تربت يداك ... فذات الدين هى الزوجة الصالحة التى تصون زوجها فى غيابه وأيضا فى حضوره ، تكون معه فى السراء والضراء – على الحلوة والمرة كما يقولون – فذات الدين تكون أشد حرصا على تنشئة أولادها نشأة دينية سليمة فتكون قدوة حسنة لإبنتها ، وفخرا لإبنها .وأيضا يتم اختيار الزوج ويتضح كذلك فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه ( ثلاث مرات ) ... وفى الأثر قال رجل للحسن بن على رضى الله عنهما : إن لى بنتا . فمن ترى أن أزوجها له ؟ .. قال : زوجها ممن يتقى الله ، فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها .
هذه من الناحية المعنوية فى اختيار الزوج والزوجة فى الإسلام ولن أطيل هنا فى الحكمة من الزواج ، وأنواع الزواج ، والخطبة وشروطها ... إلخ ولكن نتطرق على حقوق الزوج والزوجة المادية .

تبدأ هذه الحقوق منذ الخطبة ... فالخطبة مقدمة للزواج وفيها تتم بعض الاتفاقات المادية .. فيدفع المهر أو جزءا منه للإستعداد لتجهيز بيت الزوجية ... وتقدم الهدايا بين الطرفين .... وإذا تم العدول عن الخطبة يحق للخاطب أن يسترد ماله ( وسنتكلم باستفاضة عن هذا فى الجزء الثالث من المقال

ويأتى عقد القران أو عقد الزواج ... فله شروط نعرضها باختصار :

1-              الإيجاب والقبول بين الطرفين .

2-              الكفاءة فى الزواج : واتفق الفقهاء وغيرهم من أهل العلم أن الكفاءة معتبرة بالاستقامة والصلاح لقول الله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13

3- المال : ويتضح أيضا فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : من استطع منكم الباءة فليتزوج ... والباءة هنا القدرة المالية والسلامة من العيوب والقدرة الجسدية ... وقد اختلف العلماء فى تعريف المال ، فقال الأحناف أن يكون مالكا للنفقة والمهر .وتنقسم الحقوق الزوجية إلى : حقوق مشتركة بين الزوجين ... وحقوق واجبة للزوجة على زوجها ... وحقوق واجبة للزوج على زوجته .

أولا : الحقوق المشتركة بين الزوجين :

- استحلال العشرة الزوجية واستمتاع كل منهما بالآخر تحت رباط شرعى دينى .

- حرمة المصاهرة أى أن الزوجة تحرم على أب الزوج وأجداده وأبناءه وفروع أبناءه وبناته ، وهو أيضا يحرم على أماتها وبناتها وفروع أبنائها وبناتها .

- ثبوت التوارث .

- ثبوت نسب الولد من الزوج صاحب الفراش .

- المعاشرة بالمعروف .

ثانيا : الحقوق الواجبة للزوجة على زوجها :

الحقوق المادية والمعنوية :

- المهر لقول الله تعالى{وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَّرِيئاً }النساء4... وقوله تعالى {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ .............}النساء34

وقدر المهر لم تحدد الشريعة حدا لقلته أو لكثرته ، فتركت التحديد ليعطى كل واحد على قدر طاقاته وحسب حالته ، وعاداته .... ويذكر لنا التاريخ الإسلامى فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أم سليم رضى الله عنها كان مهرها الإسلام بزواجها من أبى طلحة ..... وقد حدد الفقهاء قيمة الصداق ( المهر ) وأنه لايكون إلا مالا مثل أبا حنيفة وأحمد ومالك رحمهم الله وقالوا أنه لايكون أقل من ثلاثة دراهم إلى عشر دراهم .. ولاحد لكثرة قيمة المهر .... ولحرص الإسلام على إتاحة فرص الزواج أمام الشياب الذى يريد العفة ... كره الإسلام المغالاة فى المهور ... فعن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنة ...

- الجهاز وهو الأثاث التى تعده الزوجة هى وأهلها ليكون معها فى بيت الزوجية .. والمهر حق خالص للزوجة مقابل الاستمتاع بها وجهازها يكون على وليها بقدر المهر المدفوع لها ..... روى النسائى عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال : جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة فى خميل ( قطيفة ) وقربة ووسادة حشوهاإذخر ( نبت طيب الرائحة )
- النفقة : وهى كل ماتحتاج إليه الزوجة من طعام ومسكن وخدمة ودواء وإن كانت غنية ، وهذا ماجاء فى الكتاب والسنة والإجماع ... فمن الكتاب قول الله تعالى {وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ }البقرة233 .... ومن السنة فقد روى مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى حجة الوداع (( فاتقوا الله فى النساء ... حتى وصل صلى الله عليه وسلم إلى قوله ... ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ))... أما الإجماع فقد قال ابن قدامة : اتفق أهل العلم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين إلا الناشز منهن .. ذكره ابن المنذر وغيره .

- حسن المعاشرة

- صيانة الزوجة وحفظها من كل مايخدش شرفها

ثالثا : حق الزوج على زوجته :

- الطاعة من غير معصية وأن تحفظه فى نفسها وماله ، وقرن الإسلام طاعة الزوج بإقامة الفرائض الدينية وطاعة الله تعالى ، فعن عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلى الجنة من أى الأبواب شئت ... رواه أحمد والطبرانى .
باختصار شديد عرضت حقوق كل من الزوجين فى الإسلام المادية والمعنوية حتى نضع أساسا متينا فى التعامل عند التفكير فى الزواج .

ونعرض فى الجزء الثالث من المقال :- موافقة المهور والهدايا بما يناسب هذا العصر ولايخرج عن إسلامنا الحنيف ؟!
- كيف تتوافق المهور بحيث لانغالى ولانفرض وتتوافق مع غول أسعار أقل الاحتياجات ؟!
- عرض حل متواضع لعلاج مشكلة السكن التى تشغل أهالى بورسعيد ومحاولة للحد من ظاهرة الطلاق ؟!
والى لقاء